خطاب اليوم بسمة الاستظهار باعتبار أن الملقي لم يتواصل مع الملقى اليه بالعينين الا في 53 مرة على طول مدة 12 دقيقة من الإلقاء ، و هي مدة لم يتواصل معها بأريحية مع الورقة الموثقة للتحرير إذ ارتبك 15 مرة و أخطأ في مخارج الكلمات 12 مرة ، و فقد التناغم مع الورقة على طول 7 ثواني من الدقيقة 8,24 الى 8,31 ؛ الخلاصة أن مستوى الاريحية كان فوق المتوسط بقليل و تواصل مع المتلقي بالصوت كوسيلة تواصلية اكثر من تكامل اشارات الجسد التي اعاقها عدم إشراك الوجه و العينين في آلية التواصل بلغة الجسد ..
و يمكن استخلاص اشارتين رئيسيتين من مضامينه :
**اعتبار الخطاب تعبيرا عن الازمة لاسباب أهمها ، طرح الفكرة العريضة و المغزى من الخطاب و هي دعوة الجزائر الى إعداد آلية سياسية مشتركة للحوار و التشاور ، و جاءت هذه الدعوة بعد ديباجة الخطاب مباشرة ، و تسبيق عرضها قبل الاشارة الى المناسبة و الحدث الذي يلقى الخطاب لأجله ، و هذا الارتباك و الخلل في احترام ضوابط و منهجية العرض الخطابي تفهم منه القوة التأثيرية و حضور الجزائر كدافع مقلق لمن حرر الخطاب ، هذا دون اغفال الاشارة الى ذكر الجزائر 4 مرات بالاسم بينما ذكر المغرب بالاسم مرتين ، ثم ان الارتباك في الصياغة يبدو جليا في عدم التجانس في الربط بين الحمولة الإنسابية التي اعتبرت الجزائر شقيقة في الخطاب بينما تم الاستشهاد بحديث شريف عن المجاورة ، و هنا يبدو التفارق في الهوة بين حمولتي الاخ\الشقيق الذي تطغى عليه حمولة الدم كرابط للقرابة ، و المجاورة بحمولتها المكانية و المجالية التي لا تستلزم شرط الدم كعامل جامع .
النقطة الثانية للاستدلال على حضور الارتباك هي الجهر بمبادرة عبر خطاب غاب المعني بها مكانيا ، إذ ان من بروتوكول الديبلوماسية أن يتم التنسيق بين الطرفين الدولتيين و التباحث السري قبل الاعلان عن المبادرة و المضامين جهرا ، هنا في ظني ان الدعوة موجهة للاستهلاك الداخلي و فقط ما دام الطرف الآخر الموجه اليه الخطاب هو متلقي تلقى الدعوة بشكل فجائي عبر خطاب تم بثه على الهواء و ليس هناك إشراط الضمانة انه تلقاه رسميا ، لان الخطاب في عمقه موجه من رئيس الدولة الى الشعب و ليس هناك عامل الإلزامية على الجزائر كمؤسسة دولة ان تكون ملزمة بالتتبع و الحضور في محيط الخطاب لتتلقى الاشارة ، إذ ان العرف في التواصل بالاشارات و الرسائل بين ممثلي الدول تكون عبر المراسلة بين الدواوين او بحضور التمثيليات الرسمية او الهيآت الديبلوماسية لكلا الدولتين و ليس من طرف واحد .
** النقطة الثانية هي عدم الثناء على قوات الامن و القوات المسلحة كما جرى الإعمال بذلك في الخطب الرسمية ، و هنا لا يمكن فهم الامر او التكهن هل الامر محسوب و مدروس أم تم اغفاله من منطلق الارتباك الطاغي على الخطاب و جرى ذلك من منطلق السهو ، و في كلا الحالتين فالحدث هام و تحول في نمط الإلقاء و استجماع رؤوس الاقلام التي تعتبر ثابتة الحضور في كل الخطب .
المصدر : حراك الريف
Be the first to comment